فصل: فصل في المراجعة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل في المراجعة:

أي: بعد الطلاق البائن كما مر عند قوله ومنه الرجعي.
وكابْتِدَاءِ ما سِوَى الرَّجْعِيِّ ** في الإذْنِ والصَّدَاقِ والولِيِّ

(وكابتداء) خبر مقدم والتنوين فيه عوض من مضاف إليه تقديره وكابتداء النكاح (ما) مبتدأ واقعة على المراجعة (سوى الرجعي) صلتها (في الإذن) يتعلق بالاستقرار في الخبر (والصداق والولي) معطوفان عليه، والمعنى أن المراجعة من الطلاق الذي هو رجعي كائنة كابتداء النكاح في اشتراط الإذن من الزوجة غير المجبرة ووجود الصداق والولي والإشهاد عند الدخول، وغير ذلك على نحو ما مرّ في باب النكاح حرفاً حرفاً.
ولا رجوعَ لِمَرِيضَةٍ ولاَ ** بِالحَمْلِ ستَّةَ الشُّهُورِ وَصَلاَ

(ولا) نافية للجنس ولو أتى بالفاء بدل الواو لكان أولى لأن هذا مفرع عما قبله ومسبب عنه (رجوع) اسمها (لمريضة) خبرها (ولا) تأكيد للنفي الأول (بالحمل) معطوف على مريضة والباء بمعنى مع (ستة الشهور) بالنصب مفعول بقوله (وصلا) بالبناء للفاعل، والجملة في محل نصب على الحال من الحمل، والمعنى أنه حيث اشترط في المراجعة ما يشترط في ابتداء النكاح فلا رجوع لمريضة مرضاً مخوفاً ولا لحامل بلغت ستة أشهر لأنها مريضة في الحقيقة، والمرض مانع من عقد النكاح (خ): وهل يمنع مرض أحدهما المخوف وإن أذن الوارث إلخ. وما ذكره الناظم في حامل ستة أشهر هو المعروف في المذهب كما لابن بشير وغيره، ودرج عليه في المختصر حيث قال في الحجر عاطفاً على المخوف وحامل ستة إلخ. وقال السيوري: لزوجها مراجعتها. وقال المازري: وهو الذي نختاره لأن المرجع إلى العوائد والهلاك من الحمل قليل، ولو دخلت بلداً فسألتهم عن أمهاتهم لوجدتهم أحياء أو موتى بغير نفاس إلا النادر. اهـ. نقله (ق) ابن عبد السلام: وما قاله المازري صحيح إن اعتبر في هذا المرض كون الموت عنه غالباً، وأما إن اعتبر فيه كونه أكثرياً على ما لابن الحاجب وغيره لم يلزم ما قاله المازري. اهـ. ومفهوم قول الناظم: ما سوى الرجعي أن الرجعة من الرجعي ليست كابتداء النكاح وهو كذلك كما قدمه في قوله:
ويملك الرجعة في الرجعي ** قبل انقضاء الأمد المرعي

ولا افتقار فيه للصداق إلخ. وبالجملة لا يشترط في المرتجع إلا كونه ممن يصح نكاحه في الجملة ولا يشترط فيه انتفاء موانعه من إحرام ومرض ونحوهما، ولذا قال (خ): يرتجع من ينكح وإن بكإحرام ومرض وعدم إذن سيد إلخ. ولا يرد عليه الصبي المميز لأنه وإن كان يصح نكاحه في الجملة ويتوقف على إجازة وليه لكن لا يتصور منه الطلاق الرجعي أصلاً، إذ شرط الرجعي أن يتقدمه وطء معتبر ووطء الصبي كلاوطء، وأيضاً لا يطلق على الصبي إلا بعوض كما مر، وذلك كله يوجب كونه بائناً ولا يرد المجنون أيضاً لأنه إن طلق في حال جنونه فلا يصح طلاقه ولا يلزم كما لا يصح نكاحه أيضاً في تلك الحالة، وإن طلق في حال إفاقته ثم طرأ جنونه فلوليه أن يرتجع له حيث كان لا ترجى إفاقته في العدة ولفظ من صادق عليه لأن الولي له أن يجبره على ابتداء النكاح كما قال (خ) وجبر وصي وحاكم مجنوناً احتاج إلخ. فكيف بالجبر على الرجعة وإن كانت ترجى إفاقته في العدة فلا يرتجع إلا إذا أفاق. وبالجملة فالمجنون بالإصالة لا يصح طلاقه كما لا يصح نكاحه وإن طلق عليه وليه بعوض فالطلاق حينئذ بائن لا رجعي، فهذا المجنون خارج بقول (خ) من ينكح، وأما إن كان طرأ جنونه بعد الطلاق فهو داخل في قوله: من ينكح لأنه إن لم ترج إفاقته فلوليه أن يرتجع له ووليه ممن له إنكاحه، وإن رجيت إفاقته فلا يرتجع إلا في حالتها وهو ممن فيه أهلية النكاح أيضاً في تلك الحالة وبهذا كله تعلم سقوط اعتراض شراح (خ) عليه وما لهم في ذلك من الخبط، وتعلم أن معنى قوله: من ينكح أي من فيه أهلية صحة النكاح، وهو العقل خاصة لا البلوغ كما لابن عبد السلام خلافاً لما في ضيح والله أعلم. ثم إن الارتجاع لا يصح إلا بالقول الصريح ولو هزلاً وبقول محتمل مع نية لا بفعل دونها كوطء كما في (خ) وقد مر ذلك عند قول الناظم: ويملك الرجعة في الرجعي إلخ. وتقدم أنه لا افتقار فيه للصداق ولو قبضته ردته كما نص عليه في المعيار، ونص عليه أيضاً شراح (خ) عند قوله في الرجعة ولا صداق، وأما عكسها وهو من ملك زوجته أمرها إن لم يقدم من سفره عند رأس السنة فإن انقضت السنة ولم يحضر فقال لها والد الزوج: اتركي صداقك وتزوجي من شئت ففعلت فقال في المعيار أيضاً: إن كانت عالمة بأن لها فراقه بغير شيء لزمها ما فعلته من ترك الصداق وإن ظنت أنها لا تملك الفراق بهذا التمليك ومثلها يجهل ذلك حلفت ولها الرجوع، ولو مضت السنة ولم تقض بشيء حتى طال ذلك لم يلزم الزوج ما فعله الأب من الفراق إلا أن يرضى اه باختصار.
تنبيه:
ذكر في المعيار قبل نوازل الرضاع عن سيدي عيسى بن علال في الوطء بين الفخذين في عدة الطلاق الرجعي غيرنا، وبه الرجعة ثم تزوجها قبل تمام الاستبراء وبعد انقضاء العدة هل يفرق بينهما أم لا؟ فقال: التفريق بينهما ينبني على الاختلاف في هذا الوطء هل يلحق به الولد أم لا؟ فعلى القول بلحوق الولد يفسخ النكاح لأنه ناكح في الاستبراء، وعلى القول بعدم لحوقه لا يفسخ ويترجح هذا الثاني بقول من قال إن وطء الرجعية رجعة وإن لم ينو به الرجعة. اهـ. والخلاف المشار إليه في لحوق الولد نقله عياض في آخر الاستبراء من التنبيهات، وانظره أيضاً في مسائل العدد من المازري. وذكر في المعيار أيضاً قبل الإيلاء فيمن وطئ ولم ينو الرجعة أنه يجب على المرأة أمران: عدة واستبراء، فإن أراد ارتجاعها قبل انقضاء العدة فله ذلك لكونه بالقول والإشهاد فقط لا بالوطء لأنه ممنوع منه حتى ينقضي الاستبراء من فاسد وطئه، فإن لم يرتجعها في العدة لم يكن له سبيل إلى غير ذلك فيما بقي من حيض الاستبراء اه باختصار.
فإن قلت: ارتجاعه لها في العدة والاستبراء مخالف لقول (خ) ولا يطأ الزوج ولا يعقد إلخ. قلت: هذا الارتجاع ليس بعقد بدليل عدم الاحتياج إلى رضاها ورضا الولي والصداق والإشهاد مستحب فقط.
وَزَوْجَةُ العَبْدِ إذَا ما عُتِقَتْ ** وَاخْتَارَتِ الفِراق مِنْهُ طُلِّقَتْ

(وزوجة العبد) مبتدأ ومضاف إليه (إذا) ظرف مضمن معنى الشرط (ما) زائدة (عتقت) بفتح العين والتاء وفاعله ضمير الزوجة، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها (واختارت الفراق) فعل وفاعل ومفعول (منه) يتعلق بالفراق، والجملة معطوفة على جملة عتقت أو حال من فاعل عتقت (طلقت) بفتح الطاء واللام، ومفعوله محذوف أي نفسها. والجملة جواب إذا وهي وجوابها خبر المبتدأ.
بما تَشَاؤُهُ وَمَهْما عَتَقَا ** فَمَا لَهُ مِن ارْتِجاعٍ مُطْلَقَا

(بما) يتعلق بطلقت (تشاؤه) صلته (ومهما عتقا) جملة شرطية وألفه للإطلاق (فما) نافية (له) خبر مقدم (من ارتجاع) مبتدأ جر بمن الزائدة (مطلقاً) حال والجملة جواب الشرط، ولذا دخلت الفاء عليها وجوباً لأنها لا تصلح أن تكون شرطاً، ومعنى البيتين أن زوجة العبد ولو بشائبة رق إذا عتقت عتقاً ناجزاً فلها الخيار في البقاء والفراق، ويحال بينه وبينها حتى تختار فإن اختارت البقاء معه فلا إشكال وإن اختارت الطلاق وقالت: طلقت نفسي فيلزمه واحدة بائنة إلا أن تنوي أكثر فيلزمه اثنان إذ هما منتهى طلاق العبيد، وهو معنى قوله: بما تشاؤه إذا عتق هو بعد أن طلقت نفسها فلا رجعة له جبراً عليها مطلقاً عتق في العدة أو بعدها طلقت نفسها واحدة أو اثنتين نعم له مراجعتها برضاها بالشروط المتقدمة، ولابد من دخول زوج بها فيما إذا كانت طلقت نفسها أكثر من واحدة على ظاهر النظم و(خ) وهذا إذا اختارت قبل أن يعتق العبد وإلا فلا خيار لها كما أشار له (خ) بقوله: أو عتق قبل الاختيار، وكذا يسقط خيارها إن قبض السيد الصداق وأعتقها قبل البناء، والحال أنه الآن عديم لأن خيارها يبطل عتقها، إذ ليس للسيد غيرها فلو اختارت نفسها لوجب للزوج الرجوع بالصداق على السيد، والفرض أنه عديم فيؤدي لبيعها لأن الدين الذي هو الصداق سابق على عتقها، فلذا ارتكب أخف الضررين فينفذ العتق وتبقى حرة تحت عبد وهذا معنى قول (خ) أيضاً، وسقط صداقها والفراق إن قبضه السيد وكان عديماً إلخ. وظاهر النظم أن لها الخيار في الطلاق والبقاء رشيدة أو سفيهة أو صغيرة وهو كذلك في الرشيدة، وكذا السفيهة إن بادرت لاختيارها نفسها فإن لم تبادر أو كانت صغيرة فإن الحاكم ينظر لهما في الأصلح قاله (ز) ويفهم منه أن الصغيرة إذا بادرت للطلاق لا يلزمه طلاق، بل حتى ينظر الحاكم فيأمرها به إذا رآه نظراً، وبالجملة فالصغيرة لا يلزم طلاق باختيارها بادرت له قبل الرفع للحاكم أم لا، وكذا السفيهة إن لم تبادر بل تأخر أمرها حتى رفعت للحاكم فاختارت حينئذ الفراق، ورأى هو البقاء لكونه نظراً لها فإن اختار كل من الصغيرة والسفيهة البقاء قبل الرفع لم يلزمها ذلك على قول ابن القاسم إذا لم يكن ذلك نظراً. وقوله بما تشاؤه هذا هو القول المرجوع إليه، وعليه درج (خ) حيث قال: ولمن كمل عتقها فراق العبد فقط بطلقة بائنة أو اثنتين إلخ. فأوفى كلامه للتخيير كما لمصطفى، وكان مالك يقول أولاً لا تختار إلا واحدة وعليه أكثر الرواة. ابن عرفة: وظاهر نقل اللخمي وغير واحد أن اختلاف قول مالك فيما زاد على الواحدة إنما هو بعد الوقوع أي: وأما قبل الوقوع فإنما تؤمر بواحدة من غير خلاف. ابن عرفة: وهو الصواب وهذا التصويب يعكر على إطلاق قول الناظم بما تشاؤه كما يعكر عليه جعل أو في كلام (خ) للتخيير وعلى المرجوع عنه يمضي الزائد وهو ما صوبه اللخمي.
تنبيه:
إذا مكنته من نفسها عالمة بالعتق سقط خيارها، ولو جهلت الحكم على المشهور. وقال ابن القصار: ونحوه لمالك في المختصر أنه لا يسقط خيارها حيث مكنته جاهلة بأن لها الخيار بعتقها. قال في ضيح: والأقرب أنه تقييد.